من نوادر البخلاء ~

03/05/2014 عند 15:34 | أرسلت فى ومـضـات فـيـسـبـوكـيـة | أضف تعليق

.

حكى لنا والدي، وهو أستاذ، أن زملاء له قد تأخرت بهم بعض الأشغال حتى ادلهم الليل، ولما حان وقت الافتراق أبى أحدهم إلا أن يعزمهم على العشاء عنه في بيته، ولم يكن بهم من جوع، فاعتذروا، وأصر الأستاذ عليهم حتى قبلوا، وذهبوا معه إلى بيته.

وكان عشاءً دسماً، كسكس بالدجاج والخضار، وأكل القوم حتى شبعوا، وجاءت الفاكهة، فأصابوا منها حتى لم يعد في بطونهم مكان للمزيد، وهموا بالانصراف، وقاموا يقدمون لصاحبهم أسمى آيات الشكر والامتنان على هذا الجود والكرم، وإذا بالرجل يستمهلهم للحظات، وغاب عنهم دقيقة ثم عاد حاملاً بيده ورقة وقلماً وآلة حاسبة!

ووسط دهشة القوم، شرع الرجل يجمع حساب ما تناولوه من طعام، ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وأدرجها في القائمة، والأساتذة يظنون أنه يمازحهم، وتبادلوا نظرات الحيرة، إلى أن انتهى المضيف من الحساب، وأعلن المبلغ الذي يساويه ما تناولوه من عشاء، ثم أبدى لهم بعض الكرم والجود، واستثنى من القائمة ما تناولوه من فاكهة، وقسم المجموع على عدد الأشخاص، وقال لهم جاداً غير مازح:

– “خمسون درهماً للواحد!”

فما كان من المساكين إلا أن نقدوه ما طلب منهم، وعادوا إلى بيوتهم وهم يرفعون إلى الله دعوة المظلوم على ظالمه…

* * *

وروى لي صديق، أن صديقاً لنا، وهو بخيل، اشترى مرة سيارة قديمة، واحتاج صديقي مرة إلى من يوصله إلى مكان يبعد ببضعة كيلومترات، فطلب إلى صديقنا البخيل أن يوصله بسيارته، فأبدى تبرماً وانزعاجاً، وقال:

– “بنزين!”

فأعلمه صديقي أن لا خوف عليه، وأنه سيؤدي له ما سيخسره من بنزين الطريق، فوافق، واصطحبه إلى المكان الذي يريد، ولما قضي الأمر أخرج صديقي من جيبه ورقة نقدية وقدمها لصاحبه وهو يقول:

– “خذ، ثمن البنزين.”

فرفض صديقنا البخيل ذلك، وقال غاضباً وهو يصارع كرامته:

– “خذ أموالك! ليس الآن يا رجل! ليس الآن! ادفعها لي دون أن أحس!”

* * *

وقلتُ مرة لصاحبنا البخيل هذا:

– “إنك لبخيل.”

فأجابني غاضباً:

– “أنت لا تعرفني، إني أهتم بنفسي جيداً، وأجلس في المقهى كل يوم بلا استثناء، وآكل مرة الأسبوع سندويشاً كاملاً، وأحياناً أضع في السندويش بيضتين بدل الواحدة!”

03/05/2014

اكتب تعليقُا »

RSS feed for comments on this post. TrackBack URI

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم.
Entries و تعليقات feeds.